2025-10-14 05:32:34
أعلن الصندوق الاستثماري السعودي انسحابه المفاجئ من عملية الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، وذلك قبل أيام فقط من موعد قرار رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز النهائي بشأن الصفقة. جاء هذا التطور في قضية استمرت لأشهر، حيث قدم الصندوق السعودي عرض الاستحواذ في أبريل/نيسان الماضي، لكن عملية المراجعة واجهت تعقيدات كبيرة بسبب الخلافات حول قضايا حقوق البث التلفزيوني وحقوق الإنسان.
وصف اللاعب الإنجليزي السابق داني ميلز هذا الانسحاب بأنه “يشبه استقالة المدرب قبل إقالته”، مشيراً إلى أن الجانب السعودي كان على علم مسبق بنتائج عملية المراجعة. وأضاف ميلز في حديث خاص لموقع “فوتبول إنسايدر” أن فريق المحامين المرموق الذي يعمل مع الصندوق لا بد أنه قد قدم تقييماً دقيقاً لاحتمالات رفض الصفقة، مما دفع المستثمرين السعوديين إلى سحب عرضهم استباقياً.
واجهت الصفقة انتقادات حادة من منظمات حقوق الإنسان، حيث وصفت منظمة العفو الدولية السجل الحقوقي السعودي بـ”الفظيع”. وجادل الناشطون بأن هذه المحاولة ليست الأولى التي تستخدم فيها السعودية الرياضة كوسيلة لتحسين صورتها الدولية، مؤكدين أنها لن تكون الأخيرة. من جانبه، تناول ستيفان كوكبورن، رئيس برنامج العدالة الاقتصادية والاجتماعية في المنظمة، هذا الموضوع في مقال مطول بصحيفة الغارديان، مستعرضاً المشاعر المتناقضة التي انتابت جماهير نيوكاسل.
أعرب كوكبورن عن تعاطفه مع مشجعي النادي الذين كانوا يتطلعون إلى التخلص من المالك الحالي مايك آشلي، والذين راودتهم أحلام كبيرة بتتويجات تحت ملكية جديدة. لكنه أشار إلى أن الكثيرين منهم كانوا يشعرون بقلق أخلاقي عميق من أن تتحقق أحلامهم الكروية على يد طرف متهم بانتهاكات حقوق الإنسان.
تعكس هذه القضية المعضلة الأخلاقية التي تواجه الرياضة الحديثة، حيث أصبحت الاستثمارات الحكومية والأموال السيادية جزءاً لا يتجزأ من المشهد الرياضي العالمي. كما تبرز التحديات التي تواجه الأندية والاتحادات الرياضية في الموازنة بين الاعتبارات المالية والأخلاقية عند تقييم صفقات الاستحواذ.
من الناحية القانونية، كانت قضية قرصنة حقوق البث التلفزيوني العقبة الأكبر أمام إتمام الصفقة، حيث تتهم المملكة العربية السعودية بدعم عمليات قرصنة لقنوات beIN Sports، الشريك الإعلامي الرسمي للدوري الإنجليزي. هذه القضية، إلى جانب الضغوط الحقوقية، شكلت عبئاً ثقيلاً على رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز في عملية تقييم الصفقة.
يبدو أن انسحاب الصندوق الاستثماري السعودي يمثل نهاية فصل من فصول قصة استحواذ متعددة الأبعاد، تتداخل فيها السياسة والرياضة والأخلاق والأعمال. ورغم انسحاب المستثمرين السعوديين، إلا أن الأسئلة التي أثارتها هذه القضية حول دور الرياضة في تحسين الصورة الدولية للدول، والحدود الأخلاقية للاستثمار الرياضي، ستستمر في إثارة النقاش في الأوساط الرياضية الدولية.